بقلم جيه إس أناند، المؤسس والرئيس التنفيذي لفنادق ليفا
يشهد العالم تحولات جذرية مع ظهور تكنولوجيا الجيل الرابع، حيث تستعد المملكة العربية السعودية لتكون في طليعة هذا التحول الرقمي. كما تسعى المملكة، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الجمع بين أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا ومبادرات الاستدامة بما يتماشى مع الأهداف الطموحة لرؤية 2030. لقد دخلت هذه النهضة الرقمية، التي حفزتها رؤية 2030، في قطاع الضيافة، مما مهد الطريق لتقديم تجربة ضيافة متطورة وقائمة على التكنولوجيا.
تطور قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية
لاحظت وزارة السياحة السعودية زيادة في تدفق الزوار الوافدين في النصف الأول من عام 2023 بنحو 142%، حيث بلغ إجمالي الإنفاق السياحي، وفقاً للإحصاءات، 150 مليار ريال سعودي. وهذا يوضح مدى تزايد الإقبال على المملكة العربية السعودية كوجهة سياحية، والدعم المباشر الذي يحظى به قطاع الضيافة في المملكة أيضاً. كما كشف تقرير أنه من المتوقع أن يحقق قطاع الضيافة السعودي إيرادات تفوق 23 مليار دولار بحلول عام 2026، مما يثبت إمكاناته الواعدة التي تسهم في تحقيق النمو في المنطقة.
يتصدر قطاع الفنادق والضيافة في المملكة الجهود نحو تحقيق النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أقصى قدر من الدخل وخدمة الضيوف والكفاءة التشغيلية باستخدام تحليلات البيانات الضخمة والروبوتات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. حيث تسهم العديد من العوامل في دفع الجهود الرامية لدمج التكنولوجيا الذكية، بما في ذلك الطلب المتزايد للحصول على خدمات سريعة ومريحة وذات كفاءة، والحاجة إلى دمج البدائل المستدامة في حياتنا اليومية.
تستوعب البلاد بالإضافة إلى ذلك الاحتياجات الناشئة للجمهور. حيث يبحث الناس بشكل متزايد عن تجارب جديدة، وتسعى المملكة لمواكبة هذه التطورات بما يمكنها من توفير هذه التجارب. كما تسارع الشركات في المملكة، وخاصة في منطقة نيوم، لاعتماد حلول ذكية مستدامة. على سبيل المثال، أعلنت سلسلة فنادق عن افتتاح أول فندق لها في المملكة العربية السعودية في منطقة أوكساجون في نيوم، والذي من المتوقع إطلاقه في عام 2025. حيث تم تصميم هذا الفندق لتقديم خدمات ضيافة مدعومة بالتكنولوجيا، بما في ذلك الخدمات الفندقية الآلية، والأسرة الذكية المتحركة، والتكنولوجيا المتكاملة.
القفزة التكنولوجية: إعادة تصميم المساحات والتجارب ومسارات الرحلات
التخطيط والوصول
يمكن للمسافرين الآن الاستفادة بشكل كبير من قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تحليل كميات هائلة من البيانات وتقديم التوصيات. كما يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتوفير تجارب تناسب الحاجات الفردية لكل عميل وتحسينها. مما يمكّن العملاء من اختيار المواقع والأنشطة ومسارات الرحلات التي تناسب أذواقهم من خلال تجربة تخطيط أكثر سهولة في الاستخدام مقدمة من قبل الخبراء.
وتعتبر إجراءات تسجيل الوصول السلسة من صميم تجربة نزلاء الفندق. حيث أصبحت عمليات تسجيل الوصول والمغادرة المؤتمتة أكثر انتشاراً، مما يسهم في تقليل زمن الانتظار ويحسن الكفاءة العامة. كما تتيح عمليات تسجيل الوصول والمغادرة المؤتمتة، للفنادق المعرفة الدقيقة والفورية بكافة الأنشطة المتعلقة بغرف الضيوف، بما في ذلك متى تكون الغرفة جاهزة للتنظيف والتسليم إلى الضيف التالي.
بيئة ذكية داخل الغرف
يتم تعزيز ضوابط الغرف الذكية والتوصيات التي تناسب الأذواق الشخصية للضيوف من خلال الأجهزة المدعومة بالحوسبة السحابية والاتصالات السريعة والفعالة. حيث سيتمكن الزوار، قريباً من الدخول باستخدام تقنية التعرف على الوجوه بدلاً من بطاقات المفاتيح، والتي تكون عرضة للضياع أو السرقة. تسمح ضوابط الغرفة الذكية للضيوف بإدارة أنظمة الإضاءة والتحكم بدرجة الحرارة والرطوبة ووسائل الترفيه من خلال تطبيقات الهاتف المحمول أو الأوامر الصوتية.
كما تقوم روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي بمساعدة الضيوف بشكل مباشر، وتوفر المعلومات والتوصيات والإجابة على الاستفسارات على الفور، مما يقلل من الحاجة إلى موظفين مستيقظين طوال الوقت. حيث ستحدث الروبوتات وإنترنت الأشياء تحول جذري في تجارب الضيوف، مما يساعد على تبسيط المهام الروتينية لتوفير خدمات أسرع وبجودة أعلى. على سبيل المثال، تعمل واحدة من أفضل الشركات الناشئة التي تأسست في عام 2022 حالياً مع العديد من الفنادق في المملكة لدمج حلول الفنادق الذكية في نظام الضيافة الخاص بها، بما في ذلك تنقل الموظفين وتقديم خدمات مؤتمتة ومخصصة للضيوف والقيام بإجراءات تسجيل الوصول الذكية وغيرها من الخدمات المتكاملة.
التحسين والتخصيص
يتم استخدام التحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي لتحليل مجموعات البيانات الضخمة، وتوقع التوجهات المستقبلية، وتحسين عملية توزيع الموارد لتحسين الخدمات المقدمة. وفقاً لإحدى الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها الولايات المتحدة، فإن ميزات التخصيص المستقبلية ستمكن الذكاء الاصطناعي من التوصية بخدمات مخصصة لزوار الفندق بناءً على إقاماتهم واختياراتهم السابقة.
من المقرر أن توفر الابتكارات في مجال الضيافة للضيوف ما يحتاجون إليه ويريدونه، من المراتب التي تتفاعل مع المشكلات الصحية أو درجات حرارة الجسم الأساسية إلى التقويم المتزامن مع مكبرات الصوت والإضاءة. يمكن تقديم خدمات أكثر استجابة وكفاءة وشخصية بناء على ملاحظات الضيوف من خلال تحليل الملاحظات بواسطة الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة.
الخلاصة:
تفتح التطورات التكنولوجية الآفاق نحو عصر جديد لخدمات الضيافة في المملكة والتي تشمل كافة النواحي من ترتيبات ما قبل السفر إلى جمع الملاحظات بعد الإقامة. تستكشف المملكة باستمرار قدراتها التكنولوجية، وتركز على التقنيات المستدامة متجاوزة كافة العقبات لتواكب آخر التطورات في العالم. تعتبر المبادرات الجريئة مثل نيوم نقطة انطلاق قوية للمملكة نحو المستقبل، كما تعكس التزامها الراسخ في الاستدامة واستخدام التكنولوجيا لما فيه الخير للإنسان والبيئة. كما يبشر التزامها الثابت بالابتكار والتقدم التكنولوجي من خلال تقنيات الضيافة 4.0 بالارتقاء بتجربة الضيوف في المملكة، مما يجعل منها وجهة مرغوبة للسياح.